القيم الإخبارية والعوامل المؤثرة فيها
- دراسة مقارنة بين نشرات الأخبار في التلفزيون الجزائري وقناة الجزيرة وTF1 الفرنسية-

من إعداد : ج.محمد الصالح
المقياس: علم الاجتماع الإعلامي.

خطة البحث :
- المقدمة:
الفصل الأول : تحديد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالبحث .
- المبحث1 : مفهوم القيمة.
- المبحث2 : مفهوم الخبر.
- المبحث3 : تعريف القيمة الخبرية .
الفصل الثاني : العلاقات المساعدة على إدراك القيم الإخبارية .
- المبحث1 : عناصر القيمة الخبرية .
- المبحث2 : العوامل المؤثرة في القيم الإخبارية .
- المبحث3 : بناء النشرة الإخبارية .
- المبحث4 : تصنيف الأخبار حسب القيمة الإخبارية .
الفصل الثالث : دراسة مقارنة
القيم الإخبارية في كل من التلفزيون الجزائري و قناة الجزيرة وTF1الفرنسية
- المبحث1 : مقدمة وطرح الإشكالية .
- المبحث2 : الخطوات المنهجية للدراسة.
- المبحث3 : النتائج المستخلصة من الدراسة.
- المبحث4 : تقييم للقيم الخبرية في القنوات الثلاث .
- الخاتمة .
- مراجع البحث .

مقدمــــــة :
لا يوجد فرق كبير في نوعية الأخبار المعروضة اليوم على التي كانت تنشر في
الماضي ، فالكم الكبير من الأخبار كان ولا يزال يتناول الأنشطة الرسمية
والاقتصادية والتجارية والأحداث الكبرى إضافة إلى الأخبار الاجتماعية
والمتعلقة بالمشاهير ذات الأهمية.
إن الاختلاف الوحيد يكمن في وجود جمهور واسع لوسائل الإعلام الجماهيرية
والذي يتميز بالعدد الكبير والتنوع الكثير ، من هنا أصبح لزاما على
المؤسسات الإعلامية مهما كان نوعها أن تتبع سياسة تنويع الأخبار لكسب عدد
أكبر من الجمهور ، ويكون ذلك بتقديم الأخبار ذات الأهمية أو الجدارة لنشرها
أو عرضها ، وذلك ما يسمى بالقيمة الإخبارية ..
ولكننا أيضا نلاحظ من خلال تتبعنا للأحداث اليومية وتناول وسائل الإعلام
لها يكون متباينا من وسيلة إلى أخرى ومن مؤسسة إلى أخرى ، فهناك من الصحف
من يتناول خبرا ما في الصفحة الأولى أو يعطيه ملفا كاملا، وهناك من لا
يتناوله أصلا أو قد يشير إليه في بضع أسطر ، كما أن هناك من النشرات
الإخبارية الإذاعية أو التلفزيونية ما يهتم بموضوعات محددة ويتبع سياسة ما
في طرح وترتيب الأخبار، وأخرى تخالفها تماما في التوجه ، وحتى عرض الصور
المرتبطة بالخبر تخضع إلى نوع من القص فنشاهد صورا متباينة لخبر واحد من
قناة إلى أخرى .
إذن بعدما قلنا أن المؤسسات الإعلامية تتبع سياسة تنويع الأخبار في نشراتها
وتقديم الأخبار ذات الأهمية والجدارة أو بإتباع ما يسمى بالقيمة الخبرية ،
نجد الآن اختلاف أهمية الأحداث ونسبة الجدارة والاستحقاق لنشرها بالنسبة
لكل مؤسسة إعلامية ، أي أن كل مؤسسة لها وجهة نظرها حول الأحداث ولها
قيمها الإخبارية الخاصة بها ، ولتكوين تلك النظرة هناك عوامل عديدة
ومؤثرات في القيم الإخبارية .
سنحاول في هذا البحث أن نبين ما هي القيمة الخبرية في نشرات الأخبار من
خلال تحديد بعض المفاهيم والمصطلحات أولا وهي القيمة والخبر والقيمة
الخبرية ، ثم العلاقات التي ترتبط بالقيم الإخبارية وهي عناصرها ومحدداتها
والعوامل المؤثرة فيها وتدخلها في بناء النشرات وتصنيف الأخبار، فما
العناصر التي تحددها حتى نقول عن خبر ما أنه يحمل قيمة خبرية ؟وما الظروف
والعوامل التي يمكن أن تؤثر في القيم الإخبارية في كل وسيلة إعلامية
لنشراتها أو أخبارها ؟
إضافة إلى أنه خلال إجرائنا للبحث توصلنا إلى تصنيف للأخبار حسب القيم
الخبرية فيها ومراعاة لعناصر القيمة الخبرية والعوامل المؤثرة فيها، هو
عنصر من اجتهادنا الشخصي ونتيجة نابعة من المقدمات التي بحثنا فيها وتوصلنا
إليها فيما يتعلق بالقيم الإخبارية.
ثم نقوم بدراسة مقارنة بين نشرات الأخبار في ثلاث قنوات تلفزيونية كل واحدة
تتميز بطبيعة وخصائص معينة ومتباينة، وهي التلفزيون الجزائري وقناة
الجزيرة الفضائية وTF1 الفرنسية، وذلك بهدف الكشف عن تأثيرات مختلف العوامل
على قيمها الإخبارية.

الفصل الأول :
تحديد المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالبحث
المبحث الأول: مفهوم القيمة
تشتق كلمة القيمة في اللغة العربية من القيام، وهو نقيض الجلوس، والقيام
بمعنى آخر هو العزم، ومنه قوله تعالى: (وَأنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ
اللّهِ يَدْعُوهُ) .أي لمّا عزم. كما جاء القيام بمعنى المحافظة والإصلاح،
ومنه قوله تعالى: (الرِِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) . وأما
القوام فهو العدل، وحُسن الطول، وحُسن الاستقامة "
كما تدل كلمة القيمة على الثمن الذي يقاوم المتاع، أي يقوم مقامه،وهي ما
يقدر به الشيء للتثمي والتمييز، وجمعها قيمُ، وقيمة الشيء في الدور الذي
يقوم به ، مثل قوله تعالى (فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَة) وهنا دلالة على القيمة
المرتفعة.
ومع مرور الأيام شاع استعمال كلمة القيمة، فأصبحت تدل على معانٍ أخرى
متعددة، فيرى علماء اللغة مثلاً أنّ للكلمات قيمة نحوية تحدد معناها ودورها
في الجملة، وأنّ قيمة الألفاظ تكمن في الاستعمال الصحيح لها، كما يستعمل
علماء الرياضيات كلمة القيمة للدلالة على العدد الذي يقيس كمية معينة،
ويستخدمها أهل الفن كونها تجمع بين الكم والكيف، وهي بهذا تعبّر عن كيفية
الألوان، والأصوات، والأشكال والعلاقة الكمية القائمة بينها، كما يستخدمها
علماء الاقتصاد للدلالة على الصفة التي تجعل شيئاً ممكن الاستبدال بشيء
آخر، أي قيمة المبادلة.
يتضح مما سبق أن مفهوم القيمة (Value) من المفاهيم التي يشوبها نوع من
الغموض والخلط في استخدامها، وهذا نتيجة لأنها حظيت باهتمام كثير من
الباحثين في تخصصات مختلفة، ولهذا اختلف الباحثون في وضع تعريف محدد لها،
ومرد ذلك الاختلاف يعزى إلى المنطلقات النظرية التخصصية لهم، فمنهم: علماء
الدين، وعلماء النفس، وعلماء الاجتماع، وعلماء الاقتصاد، وعلماء
الرياضيات، وعلماء اللغة .. إلخ. فلكل منهم مفهومه الخاص الذي يتفق مع
تخصصه. ومن هؤلاء العلماء ( بريParry) الذي يعرّف القيم بأنها الاهتمامات،
أي إذا كان أي شيء موضع اهتمام فإنه حتماً يكتسب قيمة، ومنهم من يعرفها
بالتفضيلات مثل (ثورندايك، وهناك من يعرّف القيم بأنها مرادفة للاتجاهات
مثل (بوجاردس). وكثير من علماء النفس يرون أن القيمة والاتجاه وجهان لعملة
واحدة. أما (كلايدكلاهون فيعرّف القيم بأنها أفكار حول ما هو مرغوب فيه
أو غير مرغوب فيه.
واستناداً إلى ما سبق من تعريفات يمكن تعريف القيم بأنها: عبارة عن
المعتقدات التي يحملها الفرد نحو الأشياء والمعاني وأوجه النشاط المختلفة،
والتي تعمل على توجيه رغباته واتجاهاته نحوها، وتحدد له السلوك المقبول
والمرفوض والصواب والخطأ، وتتصف بالثبات النسبي.

المبحث الثاني: مفهوم الخبر.
فيما يخص التعريف اللغوي العربي فإن البلاغيين العرب لم يتفقوا على تعريف
واحد للخبر؛ وإن شاع تعريف القزويني لـه قديماً وحديثاً وهو أن الخبر كل
كلام يحتمل الصدق والكذب لذاته…
ويؤكد ذلك تعريف فخر الدين الرازي بقوله: إنه "القول المقتضى بتصريحه نسبة
معلوم إلى معلوم بالنفي أو بالإثبات. ومَنْ حَدَّه بأنه المحتمل للصدق
والكذب المحدودين بالخبر لزمه الدور. ومن حَدَّه بأنه المحتمل للتصديق
والتكذيب المحدودين بالصدق والكذب وقع في الدور مرتين"
أما اصطلاحا في علوم الإعلام والاتصال فكثيرا ما كنا نقرأ في كتب الصحافة
تعريفات للخبر تكاد تلتقي في مفهوم عام وهو ان الخبر وصف لحدث اني يحظى
بالاهتمام.
وقد مضت عقود طويلة ظل فيها هذا المفهوم العام راسخا في أذهان كتاب الخبر
والمحررين والمراسلين الذين وجدوا إن مهمتهم الصحفية تقوم على اطلاع القراء
وتنويرهم بما يجري من أحداث.. فقد عرف فور تكليف الخبر ونشره عام 1865
بأنه الإثارة والخروج عن المألوف.. فعندما يعض الكلب رجلا فهذا ليس بخبر
ولكن عندما يعض الرجل كلبا فهذا هو الخبر.
وعرف د. عبد الستار جواد الخبر بأنه شيء لا نعرفه من قبل، شيء نسيته أو انك لم تفهمه .
أما الدكتور سعيد السيد فيقول في تعريفه للخبر : هو أي حدث له مدلول اجتماعي له تأثير على حياة الناس .
والخبر الكامل هو الذي يعطي الإجابات الوافية والكاملة على الأسئلة الستة التالية:
1-من.. من الذي لعب الدور الأول في وقوع الحدث
2-متى.. زمن وقوع الحدث.
3-أين.. مكان وقوع الحدث.
4-ماذا.. ماذا حدث.
5-كيف.. تفاصيل الحدث.
6-لماذا.. أوليات أو خلفيات الحدث.
وليس بالضرورة ان تتوفر في الخبر الإجابة على الأسئلة الستة ولكن المحرر
الصحفي يسعى دائما ليضمن خبره الإجابات على ما يستطيع من هذه الأسئلة.
ويمكن تحديد وظائف الأخبار لتتمثل فيما يلي:
وظائف الأخبار :
(بالنسبة للأفراد)
1- مراقبة البيئة : ( تجنب المخاطر التي تهدد وجود الإنسان واقتناص الفرص
التي تكفل استمراره )، حيث تنوب وسائل الإعلام عن الجمهور في جمع وتفسير
الأخبار بغرض مراقبة البيئة التي تحيط بهم لفهمها والتكيف معها.
2- الإثارة : فقد يتوجه البعض لمتابعة الأخبار بسبب الرتابة والملل، وهذا العنصر يتغير من يوم لآخر ومن شخص لآخر.
3- زيادة الإحساس بالمشاركة في الأحداث العامة : ويكون ذلك بسبب الاطلاع
المستمر على مجريات الأمور أو يؤدي به إلى المشاركة السياسية.
(بالنسبة للسلطة التنفيذية)
1- توجيه الأفراد نحو ما يراه النظام :
أهداف ظاهرة مباشرة : المشاريع والقوانين والإنجازات.
أهداف غير مباشرة : الدفاع عن سياسة الحكومة والدعاية لها.
2- تأكيد شرعية النظام .

المبحث الثالث: تعريف القيمة الإخبارية.
تعرف القيم الخبرية على أنها مجموعة المعايير المادية والذهنية التي على
أساسها يتم تحويل الحدث إلى خبر صحفي ، فالقيم الإخبارية هي الصفات
التركيبية المرتبطة بالتفاعل بين الحدث والجمهور وهي التي تكشف عن جوهر
الحدث وعن استخدامه الاجتماعي أي تحويله إلى موضوع للاطلاع والمعرفة والفهم
.
وللقيم الإخبارية مجموعة من العناصر التي تقوم عليها كي تجعل من الحدث
يرتقي إلى مستوى الخبر الذي يهم الجمهور ، وهذه العناصر تختلف يبن الباحثين
في مجال الإعلام
كما أن القيم الإخبارية هي من أعوص معاني البنيات في المجتع المعاصر وذلك
لما تحمله من معان إيديولوجية وذهنية ، أي أن التمايز في الأنظمة
الاجتماعية والسياسية والقيمية والإعلامية على مستوى العالم له أثر في
إيجاد اختلاف للقيم الإخبارية التي يقدمها كل نظام.
إذن فدلالة القيم الإخبارية تدل على وجود بنية معقدة للخبر على أساس أبعاد
القيمة المتعددة ، نظرية أو نفعية ، فكرية أو إيديولوجية أو دينية.
ويقوم الفهم الدقيق للقيم الإخبارية على أساس فهم مغزى الحادثة التي ستنقل
إلى الجمهور، وتفاعلها مع الوسيلة الإعلامية، فكل وسيلة لها قيمها
الإخبارية الخاصة بها التي تنبع من طبيعتها.

الفصل الثاني:
العلاقات المساعدة على فهم القيم الإخبارية

المبحث الأول : العناصر المحددة للقيمة الإخبارية
1- الجدة ( الحداثة):
ان عنصر الجده أساسي للغاية في الأخبار فهي/ أي الأخبار/ تفقد ثقلها
وأهميتها في الأغلب عندما تكون قديمة وتمثل الجده في الأخبار عنصر استقطاب
اهتمام الشخص المتلقي (قارئ، مستمع، مشاهد).
ويتعلق عنصر الجدة وحداثة الأخبار أيضا ويتأثر بتطور أدوات الإنتاج
والتوزيع التي شهدت - سواء المطبــوع منــــــه أو المسموع أو المرئي-
تطوراً كبيراً حيث ظهرت تقنيات جديدة في مجالات الجمع الإلكتروني والطباعة
والتصوير والإنتاج التلفزيوني أدت إلى اختصار الوقت وزيادة الجاذبية
والإبهار. كما تطورت صناعة الكمبيوتر في مجال خدمة المعلومات جمعاً وصناعة
وتوزيعاً. وارتبطت بتقنية الكمبيوتر تقنية الاتصال سواء في مجال الإنتاج
أو التوزيع أو البث فزادت من كفاءة كل منهما. وأكملت التطورات الكبيرة في
مجال تقنية الأقمار الصناعية وشبكات التوزيع الأرضية والكوابل وغيرها
حلقات التطور الإعلامي وفتحت أمام الإعلام آفاقاً رحبة وواسعة للانتشار
والتأثير .

2- التأثير:
يقصد به إثارة اهتمام أكبر عدد من الناس . فمن الأخبار ما يمس جماعة قليلة
من الناس في المجتمع فلا يؤبه له كثيراً في الصحف ووسائل الإعلام . و من
الأخبار ما يمس أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع ، أو يمس مرفقاً من أهم
المرافق الحيوية في هذا المجتمع ، أو يمس مشكلة من أكبر المشكلات السياسية
أو الخلقية أو الاقتصادية التي تهم المجتمع ، و إذ ذاك ترى وسائل الإعلام
تخصص لهذا الخبر الضخم مكاناً ظاهراً في صدرها.
وعنصــــــــر الضخامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدلالة الإعلامية، ومدى
اهتمام الناس بها. تقول القواعد الأولى في علم حساب الأخبـار أن نبأ حادثة
أصابت ألف شخص أهم من نبأ حادثة أخرى أصابت 100 وقرار قاض في المحكمة أو
تفسيره لإحدى مواد القانون إجراء فني بحث ، ولكنه في الوقت ذاته يؤثر في
حياة الملايين ويستطيع الصحفي أن يكتب موضوعاً مثيراً يبين فيه نتائج
القرار على حياة العامة. ( و يجب التأكيد على تأثير الخبر لأنه قد لا يفهم
الجمهور تأثيرات بعض الأخبار في بعض الأحيان لتشابك الموضوع أو لتداعياته
التي تكون معقدة الفهم) .
3- الشهرة:
يقال أن (الأسماء تصنع الأخبار) وأن (الأسماء اللامعة تصنع الأخبار الهامة)
وكل إنسان يحب الأبطال و الساسة البارزين في الهيئة الاجتماعية، وكذلك يحب
الرياضيين والفنانين وملايين من الناس يقبلون منهم على قراءة قصص
المكتشفين و الرحالة ومغامرات أصحاب الملايين.
وقـــــــــد تكون الشهرة مؤقتة سواء كانت لأشخاص أو أماكن أو أشياء أو
حوادث تثير اهتمام القراء، مثل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أو معركة
انتخابية، أو أحداث لبنان، أو أنفلونزا الطيور وقد يستمر أثرها على الناس
مثل قضية ووتر جيت أو قضية "مونيكا لوينسكي" أو موضوع تحديد النسل أو
استنساخ البشر، وسيصر ملايين الناس على معرفة التفاصيل إذا وقع حادث لإنسان
مثل رئيس الجمهورية أو الملك أو فنان ما أو أحد الرياضيين.
وإذا قـــــال أحد الأساتذة: ينبغي إعادة النظر جيدا في قانون الأسرة
الأخير فليس في هذا القول خبراً، لأنه إنسان غير مسئول و لا يهم الرأي
العام ولكن إذا أعلن وزير الشؤون الدينية هذا التصريح أصبح خبراً ينشر في
مكان بارز.
ولكننا في المقابل لا ينبغي أن نسلم بالمبدأ القائل أن الأسماء تصنع
الأخبار، لأنه ليست كل أفعال الشخصية الشهيرة تعد أخبار ولكن يجب وجود
عناصر أخرى من عناصر القيمة الخبرية.
4- الصراع:
هناك مثل هولندي يقول الأخبار الجيدة تمشي والأخبار السيئة تجري.
وكهذا المثل فإن وسائل الإعلام تتبع دوما الأخبار التي تتمتع بالسلبية وخصوصا إذا وجد الصراع بين جهتين أو أكثر
" كما أصبحت ظاهرة الإرهاب تتصدر اهتمامات وسائل الإعلام بمختلف أشكالها
وأنواعها… فرض الإرهاب نفسه وأصبح اللغة الأكثر تداولاً في العالم وأصبحت
ظاهرة الإرهاب من القيم الخبرية التي تعتمدها الجرائد والمجلات ومختلف
وسائل الإعلام، كما أصبحت نشرات الأخبار تتفنن في تقديم صور مختلفة عن
الأعمال الإرهابية التي أصبحت تنشر يوما بعد يوم في دول عديدة من العالم
..وبالنسبة لمعظم وسائل الإعلام الغربية وخاصة تلك التي تركز على الإثارة
وعلى بيع الغرابة والعنف والجريمة فإن الإرهاب يعتبر مادة دسمة مربحة تساعد
المؤسسة على زيادة المبيعات وجني أرباح طائلة، فالإرهاب أصبح لغة هذا
القرن "

5- القرب:
فالقرابة مثلاً في وسائل الإعلام الغربية لها مفهوم جغرافي ونسبة مكانية.
وهذا المفهوم يستخدم بمعنى أخص منه في العالم الإسلامي. فالأخبار القادمة
من أماكن بعيدة مثل أندونيسيا، الصين، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، تحذف من
وسائل إعلامهم عندما يكون مخاطبوها في أماكن أخرى مثل أمريكا والشرق
الأوسط. أما القرابة في الإسلام، فليس لها مفهوم جغرافي ولا مكاني، وإنما
لها مفهوم ثقافي. أي أن حوادث الأمة الإسلامية تتعلق بالعالم الإسلامي،
بقطع النظر عن القوميات والدول. فالمصالح الشخصية لا تتدخل في صياغة الخبر،
والأخبار والمعلومات بالنسبة للأمة الإسلامية هي بضاعة اجتماعية لا صناعة
ثقافية .
6- التداول:
وهذا العنصر يمثل خاصية الاستمرار في تداول الخبر حتى يأخذ جدارته وأهميته
الصحفية ويجعل من المجتمع يتغير تجاه قضية ما كانت تبدو صغيرة ولكن مع
الاستمرارية في تداول هذا الموضوع يصبحا حدثا هاما بالنسبة للجمهور .
7- الغرابة :
ويمكننا لتوضيح هذا العنصر بطريقة سهلة وخفيفة بالعتماد على معادلة تشرح عنصر الغرابة أو الإثارة:
نبأ عن: رجل عادي عمره 80 سنة + حياة عادية = صفراً.
ونبأ عن رجل عادي عمره 80 سنة + رحلة مغامرة = خبراً.
رجل عادي عمره 80 سنة + زوجة شابة 18 سنة = خبراً.
رجل عادي 80 سنة + زوجة شابة 18 سنة + 3 توائم = خبر أكثر أهمية.
ومثل هذا النوع من القصص الطريفة لا يمكن أن يهمل بمجرد اختفاء العناصر
الإخبارية الأخرى ، بل يكفي أن يكون " غريباً " لكي يكون " خبراً" ذلك أن
مثل هذا الخبر قد يعيش في أذهان جمهور القراء أكثر مما يعيش خبر استقالة
موظف كبير بسبب خلافه مع بعض زملائه في العمل، وتــــذهـــــب بعض الصحف
إلي أن عناصر التسويق و الإثارة والطرافة و الروعة من أهم سمات الخبر
الجيد.
تباين عناصر القيمة الخبرية :
وفي كثير من الكتب المنهجية التي تدرس في المعاهد والجامعات في العالم
تباينت عناصرالقيمة الخبرية أو شروط الخبر فقد ذكر الألماني كاسبر ستيلر في
عام 1695 العناصر التالية.
1ـ الجد والطرافه 2ـ قرب المكان 3ـ التأثير4ـ الأهمية5ـ السلبية
ومن أكثر الدراسات التي تناولت عناصر الخبر جدلا هو ما ذهب إليه كالتونك
وماري روج في الدراسة التي نشرت في كتاب (صناعة الأخبار) لمؤلفيه كوهين
وبونك..
وهذان الباحثان النرويجيان يريان ان هناك احتمالا اكبر لنشر الأحداث إذا كانت تلبي أيا أو بعض أو عدة معايير من المعايير الآتية:
1ـ نسبة الحدث: وهي تتعلق بالوقت الذي يستغرقه وقوع الحدث بشكل يتناسب مع
وقت الوسيلة الإخبارية فحادث اغتيال مثلا أكثر جدارة صحفية من تقدم بطئ
لأحد بلدان العالم الثالث.
2ـ الضخامة: كلما كان الحدث اكبر كان أفضل وكلما كان دارماتيكيا كلما زادت قوة تأثيره وتحقيقه لما يسمى باندفاع الجمهور.
3ـ الوضوح: كلما كانت الأحداث واضحة ومحدده كلما سهل على الجمهور ملاحظتها وسهل على المراسلين التعامل معها.
4ـ الالفه: وهذه الخاصية الخبرية تتعلق بالجماعة وبالقرب الثقافي وبما
يتناغم مع الجمهور المتلقي فالأشياء القريبة منا تعنينا أكثر من سواها.
5ـ التماثل: هذا يعني درجة التقاء الأحداث مع توقعات الجمهور وتنبؤاته.
6ـ الدهشة المفاجأة.. لابد ان يكون الحدث مفاجئا وغير متوقع أو نادر ليكون الخبر جيداً.
7ـ الاستمرارية: وهذه الخاصية تفترض ان يكون الخبر جديداً ليقع في عناوين
الصحف ونشرات الأنباء وان تستمر جدارته الصحفية حتى عندما تتضاءل ضخامته.
8ـ التشكيل/ التركيب: ان الحاجة في تحقيق التوازن في نشر الأخبار تجعل
المحرر أو الناشر بطرح بعض العناصر المتناقضة، مثل نشره بعض الأخبار
المحلية إذا كانت غالبية الأخبار المنشورة في الصحيفة هي أخبار خارجية أو
أن ينشر بعض الأخبار الحقيقة والمشوقة إذا كانت نسبة الأخبار التي تبعث على
التشاؤم عالية .
وفي كتابة المشهور الرأي العام الذي صدر عام 1922 ذكر وولتر لييمان العناصر التالية
أ-وضوح الحدث ب-الغرابة والدهشة ج-القرب الجغرافي د-التأثير الشخصي هـ- الصراع
وقد سرد الباحثين العناصر الأساسية المعتمدة في صحافة العالم الثالث والتي
تؤكد على التنمية الاقتصادية والثقافة الوطنية وإبراز صورة مشرقة عن
العالم الثالث وهي :
1ـ التنمية 2ـ المسؤولية الاجتماعية 3ـ التكامل الوطني 4ـ التثقيف 5ـ قرب المكان 6ـ الاهتمام الشخصي
وتتجلى هذه العناصر في طريقة عرض الأخبار في صحافة العالم الثالث حيث يتم
إبراز الأخبار الايجابية وإنشاء المشاريع والمصانع وحملات التطعيم ضد
الأوبئة ومحو الأمية ونشاطات زعماء هذه الدول.. كما يتم حجب أخبار العنف
والجريمة والفساد والفضائح والسياسات الخاطئة.
ومن الناحية العملية فهناك عناصر أساسية تدخل في تشكيل بنية الخبر وتتكامل داخل هيكلة العام بشكل متجانس يعطين خبرا وهي:
1- ان يكون الخبر حقيقيا اي وقع فعلا.
2- أن يكون مثيرا أو يهم اكبر عدد ممكن من الناس.
3- ان تكون لغته بسيطة وموجزه لكنها متينه البناء
4- الجده أو الحداثة

المبحث الثاني:العوامل المؤثرة في القيم الإخبارية
في دراسة العوامل المؤثرة في القيم الإخبارية نجدها تختلف من عوامل سياسية
وفكرية واقتصادية واجتماعية وأيضا أخلاقية ، سوف نتطرق في البداية إلى
العوامل السياسية والفكرية أي علاقة البنية الفكرية للسلطة وللمؤسسة
الإعلامية وتأثيرها المباشر في القيم الإخبارية ، ثم ننظر في العوامل
الأخرى وهي أقل تأثيرا أو ذات تأثير غير مباشر.
أولا : السلطة السياسية :
العلاقة الموجودة بين السلطة السياسية و وسائل الإعلام موجودة في كل دول
العالم وتطرح على أنها إشكالية تتمثل في تحكم السلطة السياسية في وسائل
الإعلام ، وهذا التحكم يرجع إلى الطبيعة البنيوية للمؤسسة السلطوية
المتمثلة في الدولة أو الحكومة والتي تقوم على أساس ممارسة السلطة الحكم ،
في حين أن المؤسسة الإعلامية تقوم على الإسهام في تشكيل وعي الأفراد ولها
دور فعال في تشكيل الرأي العام ، وبالتالي لابد أن تقوم السلطة السياسية
في محاولة لاستمرارها بالهيمنة على وسائل الإعلام والسيطرة على إنتاج
الأفكار والمعلومات لتكييفها حسب رأي السلطة ، فتصبح القيم الإخبارية
للوسيلة الإعلامية تتماثل وتتماشى تماما مع رأي السلطة السياسية فيما ينشر
وما لا ينشر .
الالتفات حول وسائل الإعلام من طرف السلطة يرجع إلى أن الدولة لها أفكارها
الخاصة بها ترغب بإيصالها إلى الناس ليلتفوا حولها و لتستمر وتقوى وهذه هي
طبيعة السلطة ، يقول الكاتب والمنتج التلفزيوني الأسترالي :" الحكام
الجدد هم نفسهم الحكام القدامى ، لكن بوجوه جديدة وتقنيات سيطرة جديدة ،
هناك إمبريالية غير مباشرة ، ناعمة أحيانا وخشنة أحيانا ، تستخدم
التكنولوجيا والشركات العابرة للقوميات والإعلام والمعلومات والشعارات
المعولمة"
وفي الجزائر عل سبيل المثال كان المفروض على الصحافة أن تعمل على منهاج
الحزب الواحد وتحقيق المبادئ الاشتراكية حين كانت الجزائر تتبنى النظام
الاشتراكي ، ثم ( كانت الإدارة السياسية موجودة بعد 1990 لجعل الصحافة
المستقلة الناشئة أحد أشعة الإصلاحات السياسية و الاقتصادية في مواجهة تردد
بعض القوى المستقلة )
وتجدر الإشارة إلى أن ( اختلاف الأنظمة الفكرية والاجتماعية و الاقتصادية
لها دور كبير في تحديد العلاقة بين السلطة السياسية و وسائل الإعلام )
فيمكن لهذه الأخير أن تكون سلطة رابعة بينما يمكنها أن تكون جهازا من أجهزة
الدولة ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية "لا يجوز أن يُصدر الكونغرس أي
قانون … يحدّ من حرية الصحافة…" بحسب (التعديل الأول، وثيقة الحقوق، دستور
الولايات المتحدة، 1791) مثلاً، وقفت المحكمة العليا الأميركية إلى جانب
الصحف ضد الحكومة في مسألة السماح للصحف بنشر ما عُرف فيما بعد "بوثائق
البنتاغون". وقد نشرت الصحف هذه الوثائق السرية لحرب فيتنام، بعد أن حصلت
عليها بصورة غير رسمية، رغم الاعتراضات الحكومية ، ( وفي الجزائر السلطة لا
تتعامل مع المعطى الإعلامي باعتباره إحدى سلطات المجتمع المدني وإحدى
الركائز الأساسية للنظام الديمقراطي وأداة لتحقيق التنمية ، فالشغل الشاغل
للسلطة اليوم هو المزيد من التعتيم والقمع لمنع كشف الفساد الذي ينخر
المجتمع الجزائري ) بالرغم من أن الجزائر تبنت الرأسمالية والتعددية
الحزبية والإعلامية وهي معطيات يجب أن تضع حدا للهيمنة على أفكار وسائل
الإعلام .
ويلاحظ أن هناك تباينا في حدة العلاقة بين السلطة السياسية ووسائل الإعلام
في الغرب ودول العالم الثالث – أي أنها موجودة دائما في كل الدول – ورغم
ذلك التباين هناك تحكم في وسائل الإعلام بميكانيزمات تختلف من دولة إلى
أخرى وتتمثل في : الميكانيزم التشريعي ، الميكانيزم المالي ، ميكانيزم
الرقابة .
أ*- عن طريق التشريع : حيث تسن السلطة مجموعة من القوانين يجب على الرسالة
الإعلامية التقيد بها ، والسلطة الجزائرية مثلا تعتقد أن ( دفع الصحافة
نحو الالتزام أكثر بالمسؤولية يمر عبر تضييق أكثر لهامش الحرية من خلال سن
قوانين ردعية ، كما حدث في تعديل قانون العقوبات وإجراءات تعسفية
ومساومات سياسية وتجارية ) ، وبالتالي فإن هذه القوانين تحدد القيم
الإخبارية للوسيلة الإعلامية كما أن حرية التعبير(تنتهي بمجرد استغلال
السلطة لسلطتها و توظيف العدالة لضرب كل من يتجرأ على انتقادها ) .
وإذا نظرنا إلى التشريع الأمريكي فإلى جانب المبادئ المستندة على الدستور،
لا يوجد هناك ما يُذكر من القوانين أو الأنظمة التي تتعلّق بممارسة العمل
الصحافي. فالحكومة الأميركية لا تمنح تراخيص لممارسة العمل الصحفي، ولا
تتحكّم بمستلزماته من ورق الصحف وحبر الطباعة. لكن من جهة أخرى، يخضع
الصحافيون إلى نفس القوانين المطبقة عموماً على بقية المواطنين.

ب*- عن طريق التمويل : أو سلطة المال ، حيث
أن تمويل وسائل الإعلام يعود إلى المصلحة الذاتية للممول ( مهما كانت :
السلطة السياسية أو الجماعات المالية أو جماعات الضغط )
وسلطة المال لها فاعلية كبيرة حيث أن السيطرة المالية تجعل من وسائل
الإعلام في موضع التأييد للممول دائما وتضع قيم الممول في موضع قيمها ، وفي
الجزائر دائما ( يكفي توقيع الإشهار الممنوح وتواطؤ المطابع وحدهما لبيان
طبيعة الضغوط وتفسير الخط المنتهج ) ، هذا الخط المنتهج من طرف الدولة
سوف يؤثر في إيجاد حرية خرافية للتعبير، فاحتكار الدولة للإشهار المؤسساتي
والمطابع تعد عراقيل أمام حرية التعبير.
وسوف نزيد من شرحنا لتأثير سلطة المال على القيم الإخبارية من خلال دراستنا
لنوع الملكية وتأثيرها على القيم الإخبارية للمؤسسات الإعلامية.

ج- عن طريق الرقابة : وهنا حسب رؤية الأستاذ
سمير لعرج فإن الميكانيزمين السابقين أي التشريعي والمالي لا يكفيان
لإحكام القبضة على مضمون وسائل الإعلام ، والأنظمة السياسية تستدعي فرض
رقابة معينة لا تتعارض مع إيديولوجيتها ، ففي الغرب يؤكد على ما يريده
الجمهور بينما في دول العالم الثالث فيركز على ما يحتاج إليه الجمهور ،
ولا شك أن ممارسة هذه الرقابة يؤدي إلى انعدام المراقبة الذاتية وطبعا إلى
توجيه القيم الإخبارية للمؤسسة الإعلامية بمراقبة ما ينشر وما لا ينشر.
وفي دول العالم الثالث والوطن العربي عموما هناك من الرقابة المفروضة على
الأداء الإعلامي ما يحد من حرية الإعلام ويجعل القيم الإخبارية خاضعة
للدولة، مع تفاوت تلك الرقابة المفروضة من نظام لآخر:
- رقابة مسبقة على مضمون الرسالة الإعلامية المحلية .
- رقابة قضائية على القرار الإداري بإلغاء الصحيفة أو تعطيلها .
- رقابة على مضمون الرسالة الإعلامية الواردة من الخارج .
- رقابة على بيع وتداول المطبوعات .

ثانيا : تأثير سياسة المؤسسة الإعلامية في القيم الإخبارية:
بعد دراستنا لهيمنة السلطة السياسية على الوسيلة الإعلامية النابع من بنية
السلطة وطبيعتها ، سوف نحاول التطرق إلى تأثير الوسيلة الإعلامية في حد
ذاتها على القيم الإخبارية ، ذلك لكونها دائما تعبر عن السلطة السياسية
والإيديولوجية الفكرية لها أو أنها تحمل أفكارا أخرى تريد أن توصلها إلى
الناس حتى وإن كانت تناقض الحكومة ، فالوسيلة الإعلامية عنصر من العناصر
المحددة للقيم الإخبارية والعوامل المؤثرة فيها حيث تتجلى السياسة
الإعلامية لأي مؤسسة في قيمها الإخبارية .
إن القائم بالاتصال في إطار المؤسسة الإعلامية يعد عنصرا فاعلا في إنتاج
المعلومات وانتقائها وهو يعمل بمنطلق خضوعه للسياسة الإعلامية للمؤسسة التي
ينتمي إليها وللسلطة السياسية ، (ويظهر تأثير الضغوط التي تتعرض لها غرفة
التحرير الأخبار في تحديد ما الذي سيتم استخدامه وما الذي سيتم حذفه)
والقائم بالاتصال يتعرض منذ البدء في جمع وانتقاء الأخبار إلى نوعين من
التأثير : تأثير هامشي يتمثل في الضمير الصحفي وقيمه ، وهذه القوى تمارس
تأثيرها على القائم بالاتصال دون سيطرة على مضمون الرسالة ، وثانيا تأثير
مركزي يتمثل في تأثير النظام السياسي وقوانينه والنظام الاجتماعي وقاعة
التحرير وسياسة النشر .
يقول الدكتور عبد الله غلام الله وزير الشؤون الدينية في الجزائر:" إن هذه
الفرعونية التي يفرضها بعض الناشرين الذين يدعون أن صحافتهم حرة لا تبشر
بخير ما دامت تسخر أقلام الصحفيين إلى ما تراه هي ولا تأذن بنشر إلا ما ترى
وقد تسيء إلى أناس وتشوه أفكارا أو تسخر بقيم عانت الإنسانية عصورا طويلة
لبلورتها وتثمينها .." (*)
وتأثير السياسة الإعلامية يبرز لنا من خلال طريقة التعامل مع الأحداث
وكيفية إيصال الرسالة الإعلامية بما يكون متكيفا في الغالب مع النظام
السياسي والاجتماعي، ويكون ذلك باستعمال القائم بالاتصال للأسلوب التالي
ذكره :
أ- الأسلوب اللفظي : حيث تستعمل هنا الألفاظ ذات الأبعاد والدلالات التي
تعبر عن السياسة المتبعة والإيديولوجية المسيطرة على الإعلام ، فيكون
انتقاء الألفاظ دقيقا ومعينا يعطي الرسالة الإعلامية بعدها الإيديولوجي
والسياسة المتبعة لدى السلطة وفي تلك المؤسسة ، فالقول مثلا (العمليات
الاستشهادية في فلسطين ، والمقاومة والأراضي المحتلة ) دلالة على أن القائم
بالاتصال يحمل قيما تؤيد تلك الأحداث وقيما تناقض قيم الرسالة التي
فحواها ألفظ ( العمليات الانتحارية، والإرهاب والأراضي الإسرائيلية) وهي
ألفاظ تتناقض تماما مع ألفاظ الرسالة الأولى مما يبين الأفكار
والإيديولوجية التي يحملها كل صاحب رسالة إعلامية وأن المؤسسة الإعلامية
تؤثر في القائمين بالاتصال داخلها نحو إتباع سياستها الإعلامية.
(ويمكن القول هنا إن صياغة القيمة الإخبارية انعكاس للاحتياط الدلالي والمعرفي لم يحمله القائم بالاتصال )
ب-أسلوب الصورة : وسواء كانت الصورة الفوتوغرافية أو الكاريكاتيرية أو
التلفزيونية فلها دور بارز في ما يراد إيصاله من الرسالة الإعلامية، وهذه
الصورة يمكن أن تؤدي دورا أكبر من نص الخبر وهي أبلغ من كل تعبير، وخاصة
الصورة التلفزيونية لأنها عبارة عن صورة مباشرة فالصورة الإخبارية المتحركة
لها قوة وتأثير تفوق كثيرا قوة وتأثير الكلمة ، ويتضح ذلك في الأحداث ذات
الأهمية الخاصة والتي يمكن للمشاهدين متابعتها لحظة بلحظة .
(إن الصورة لها قيمة إخبارية تشع من الأبعاد التي نعطيها لها ) فالقائم
بالاتصال لا يوصل صورا لم يضع لها أبعادا سواء عند أخذ تلك الصور أو عند
وصولها إلى قاعة التحرير، وهذه الصور ستصل إلى الجمهور كما يريدها القائمون
بالاتصال إما حسب البعد الذي أراده ملتقط الصورة أو بالحذف من قبل قاعة
التحرير أو عدم نشرها .
إذن يمكننا عبر الصورة أن نبرز قيما إخبارية ومغزى فكريا وإيديولوجيا ،
وكمثال على ذلك الصور التي نشرت على جريدة "الصن" البريطانية للرئيس لعراقي
المخلوع ، هنا من تعامل مع الصور كأنها تحل قيمة إخبارية وهناك من رأى
فيها أنها لاأخلاقية ولم يتعامل معها كصورة تحمل قيمة إخبارية ، والمنطق في
هذا أن كل مؤسسة إعلامية لها سياستها وأهدافها وتريد إيصال رسائل معينة
إلى الجمهور وهذه السياسة الإعلامية هي التي تؤثر في قيمها الإخبارية.

ثالثا : القيم الإخبارية والإيديولوجية :
يقول هاربرت غانس ( إذا انطوت الأخبار على قيم ما فإنها تنطوي على
الإيديولوجية ، ومع ذلك فإن الإيديولوجية حاصل جزئي فقط عبر كامل القيم
التي هي ليست لا بالمنسجمة تماما ولا بالمندمجة كليا ) ومعنى ذلك أن القيم
الإخبارية هي عبارة عن قيم موافقة للإيديولوجية .
ولكي يصبح الحدث في مستوى الخبر ليذاع أو ينشر عبر وسائل الإعلام يجب أن
يتضمن قيمه الإيديولوجية والفكرية أي أن تأثير الإيديولوجية يبرز في عملية
اتخاذ القرار بشأن الأحداث التي يجب تغطيتها ، وهذه العملية تكون في أيدي
رؤساء التحرير والناشرين والمحررين وحتى المخبرين أثناء جمع الأخبار ،
وتكون لديهم غالبا أفكار محددة في الطريقة الواجب إتباعها أثناء التحرير ،
وحتى وإن كان القائم بالاتصال يتمتع بالحرية والاستقلالية إلا أن هناك
طريقة ما للتعرض لإيديولوجية ما ، كما أن مبدأ الحرية في حد ذاته
إيديولوجية أي أن القائم بالاتصال قد تأثر بإيديولوجية الليبرالية ، إضافة
إلى أن الحرية الإعلامية تؤدي بالشخص لإبداء رأيه بحرية ولا يمكن أن يكون
رأي القائم بالاتصال بعيدا عن إيديولوجيته .
ونستطيع بكل تأكيد أن نفكر بمعية "رجيس دوبري" في كتابه (السلطة الفكرية في
فرنسا) بأن الإعلام اليوم أصبح أداة الدولة المهيمنة في الحقل
الإيديولوجي ، ولتوضيح ذلك مثال الإعلام الرسمي الحكومي والتركيز على
الأخبار التي تركز على الأحداث الوطنية مثل تدشين مرافق عامة ومؤسسات
ومصانع وغيرها من الإنجازات التنموية الوطنية ، هذا التركيز يعود إلى أن
تلك القيم الإخبارية خاضعة بشكل كبير إلى الإيديولوجية التي تطرحها السلطة
والسياسة الإعلامية أي أن القيم الإخبارية تكتسي القيم الإيديولوجية .
كما أن القيم الإخبارية تختلف من مؤسسة إعلامية إلى أخرى باختلاف القيم
الإيديولوجية ، وفي المثال السابق عن الصور التي نشرتها صحيفة "الصن"
البريطانية في ماي 2005 وقد كان شبه عار بملابسه الداخلية في السجن فإن بعض
الوسائل الإعلامية العربية قررت عدم التعامل مع الصور نظرا لعدم
أخلاقيتها أو لأنها لا تحمل قيمة إخبارية ، بينما نشرت في العديد من
المؤسسات الإعلامية الغربية والبعض من العربية ، مع أن المؤسسات التي
عارضت نشرها كانت قد نشرت في السابق صورا له شبه عار مرتين وهو يسبح في
نهري الدجلة والفرات وكان ذلك ردا على إشاعات مرضه . فما الفرق بين
المؤسسات الإعلامية في تعاملها مع الصور وبين تعامل نفس الوسائل بطريقتين
مختلفتين مع صور السباحة وصور السجن ؟
( فهل صور صدام بالملابس الخاصة بالسباحة في دجلة خبر يستحق النشر، وهو شبه
عار. وصوره في السجن ليست خبرا ولا أخلاقية؟ الجواب هو أن صور السباحة
نشرها صدام من أجل أهدافه الخاصة. وصور سجنه هذه الأيام نشرت كذلك من أجل
أهداف خاصة. فهل ذاك إعلام مختلف عن هذا الإعلام؟) .
طبعا كل مؤسسة إعلامية ولها قيمها الإخبارية التي تعكس قيمها الإيديولوجية والاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية .
لكل وسيلة إعلامية أهدافها التي تراعي القيم الإيديولوجية ولها إعلامها
الذي يختلف عن الإعلام الآخر بتحكم الإيديولوجيات المختلفة ، فالقيم
الإخبارية إذن (عبارة عن بنية قيمية وإيديولوجية وذهنية وليست عبارة عن رصد
أحداث وقعت أو عناصر إخبارية لا تعكس مضمون القيمة التي يحملها الخبر) ،
نفهم أن الأحداث يجب أن تتضمن قيمة إيديولوجية كي تصبح في مستوى الأخبار
الممكن إذاعتها أو نشرها ، هذه الإيديولوجية هي فكر المؤسسة الإعلامية أو
السلطة السياسية أو المالكين الخواص والممولين .