منتديات الوجيه 2016 لكل العرب : برامج 2016 - ألعاب 2017 - وظائف 2017
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الوجيه 2016 لكل العرب : برامج 2016 - ألعاب 2017 - وظائف 2017
منتديات الوجيه 2016 لكل العرب : برامج 2016 - ألعاب 2017 - وظائف 2017 - طبخ وحلويات منال العالم و حورية المطبخ و فتافيت - ازياء وفساتين - عجائب وغرائب الصور - نكت مضحكة - اخبار الرياضة والاقتصاد - منتديات انا المسلم: برامج صور فيديوهات كتب ومواعظ اسلامية
الشروق تنقل مشاهد صادمة من مخيمي "بابادو"و "سيدكا " بالصومال ولائم بشرية للنسور وآكلات الجيف 2011.08.17 بعثة "الشروق" إلى الصومال: لخضر رزاوي ـ فؤاد عبد العزيز ـ عبد الحليم معمر image بعثة "الشروق" إلى الصومال: لخضر رزاوي ـ فؤاد عبد العزيز ـ عبد الحليم معمر ثكالى الصومال: صغارنا يموتون أمامنا ونعجز عن فعل أي شيء لإنقاذهم
يطالع الوجه القبيح للإنسانية، كل من يزور مخيمات منكوبي المجاعة بالصومال، حيث يموت الإنسان ببساطة، في حين أنه يمكن إنقاذ حياته بحفنة من الدقيق. "الشروق" تجولت داخل اثنين من المخيمات بضواحي العاصمة مقديشو، ووقفت على حجم النكبة.
بداية جولتنا كانت بمخيم "بدبادو"، اين احتشد نحو 40 ألف صومالي معظمهم نزحوا من مناطق بعيدة، هربا من أبشع ميتة: الموت جوعا وعطشا. ويعيش اللاجئون داخل خيم بالية، أعدت من أقمشة مهترئة، ثياب وحصائر ونباتات جافة، وكل ما طالته الأيدي مما يصلح لنصب هذه الخيم البدائية. الذباب أكثر عددا من حبات الأرز غالبية سكان المخيم من النساء والأطفال والعجزة، ورغم البؤس الذي يعنون يومياتهم، فهم محظوظون نسبيا، لأنهم بلغوا "بدبادو"، فعلى الطريق إلى مقديشو، هلك الكثيرون من الجوع والعطش والمرض والإرهاق، فالكثيرون قدموا سيرا على الأقدام والأوفر حظا على ظهور الحمير وعلى متن شاحنات متهالكة. كما أن الطرق غير آمنة، وكثيرا ما اعترضت قوافل النازحين عصابات قطاع الطرق، وميليشيات أمراء الحرب، واعتدت عليهم وسلبتهم ما عندعم من زاد وقتلت من قتلت منهم. دلفنا إلى إحدى الخيام، فاستقبلتنا رائحة كريهة ونفاذة تصيب بالغثيان، كانت الأرضية غير مفروشة، وينام سكان الخيمة على الرمل والحصى. وكل ما هنالك من متاع، آنية بسيطة في إحداها حبات من الأرز المطبوخ، وكان عدد الذباب في الإناء أكبر من عدد حبّات الأرز. البكر مات جوعا والرضيع بـ"الطاعون!" تعيش تحت هذه الخيمة، التي لا تتعدى مساحتها مترا مربعا واحدا، فاطمة عبدي مع من تبقى من أسرتها، فقد فقدت في ظرف شهر، اثنين من أبنائها، الأول كان عمره أربع سنوات، عندما كانت ضمن مجموعة من النازحين، الذين خرجوا من قريتهم بإقليم "يبدوا"، "مات من الجوع.. لم أجد ما أطعمه إياه". أما الإبن الثاني فهو رضيع في شهره الرابع، تقول الأم الثكلى إنه مات بالمخيم قبل ثلاثة أيام، وهي مصرة على أن ابنها مات بـ"الطاعون!"، غير أن المترجم أفهمنا أن الأمر يتعلق بمرض غير الطاعون، لكنه لا يقل عنه فتكا، إذ يتسبب بإسهال حاد وقاتل، وعلمنا أن هذه الأعراض متفشية بالمخيم، الذي تحول إلى بؤرة للوباء، وكل يوم يزداد عدد من يلتقطون العدوى بسبب استهلاك مياه ملوثة، وغياب أدنى شروط النظافة، وعدم توفر المراحيض، التي تعد رفاهية غير متاحة لأولئك المنكوبين. علما ان اللاجئين لا يستفيدون من الرعاية الصحية. ممنوع الـ"..." هنا! وفاقم الوضع انتشار "سفير الأوبئة ورسول الأمراض".. إنه البعوض الذي تجوب أسرابه المخيم بأعداد هائلة، وتتنقل بين الأقذار المنتشرة في كل ركن من المخيم. ففي ياب المراحيض، يقضي الناس حاجاتهم أينما اتفق، وضع دفع إدارة المخيم إلى اللجوء لحل "كوميدي ـ درامي"، إذ اهتدوا إلى نصب لافتات كبيرة، في عدد من الفضاءات، تعلم الناس بأنهم ممنوعون من قضاء حاجياتهم بتلك الفضاءات. ولأن غالبية اللاجئين هم من الأميين، الذين لن يتمكنوا من قراءة عبارة: "ممنوع الـ ... في هذا المكان"، فقد أرفقت الإدارة العبارة، برسومات توضحية "غاية في التفصيل...". الناس هنا تموت جوعا خلال تجولنا بمخيم "بدبادو"، كان عشرات اللاجئين يتحلقون حولنا، أطفال حفاة يرتدون خرقا حالت ألوانها لسماكة طبقات الأوساخ التي علتها، ونسوة من بينهن فرحية آدم (18 سنة) التي روت لنا كيف كانت تعيش مع أهلها عيشة راضية، قبل أن تشح السماء قتنفق ماشيتهم، ويموت الكثير من أقاربها جوعا، فنزحوا إلى مقديشو، وفي الطريق إليها "ماتت اختي ذات الثلاث سنوات جوعا، فلم يكن ثمة ما يؤكل". الأرز لم ينقذ الرضع من الهلاك ولا يعني بلوغ مقديشو درء خطر الجوع، فكميات الأرز التي تحضّر وتوزع غير كافية البتة، وكثيرا ما عاش اللاجئون اليومين والثلاثة من دون طعام، والوضع أسوأ بالنسبة للرضع، فهم لا يتناولون الأرز ولا يستسيغون الخبز. وتقول فاطمة أبشرة حسين حسن، وهي موظفة حكومية صومالية تعمل بالمخيم، إن الرضع "يتغذون على الحليب والتمر والحساء، وكلها مواد مفقودة فنحن لا نطبخ هنا سوى الأرز". وتحصي أبشرة وفاة أربعة أطفال في المتوسط كل يوم، وتدعو منظمات الإغاثة إلى مراعاة حاجيات الأطفال عند إرسال المساعدات. النسور وآكلات الجيف تنعم بولائم يومية لدى تنقلنا من "بدبادو" إلى مخيم "سيد كا"، لاحظنا أسرابا من النسور تحوم على علو منخفض، ويقول آدم الذي كان جالسا أمام فرشته التي يعرض عليها أقراص "دي.في.دي" وسط مقديشو، إن هذه الجوارح تقتات على الجيف، وإنها لم تكن تشاهد إلا نادرا "غير أن كثرة الجثث جذبتها.. وقد شاهدت قبل أيام النسور تلتهم جثة، وقام أحد الأشخاص بإطلاق النار في السماء لإبعادها". وسمعنا حكايات كثيرة عن موتى التهمت جثثهم النسور والغربان، والضباع والكلاب المتوحشة، في الصحراء وفي مقديشو نفسها، لأنهم لم يجدوا من يواريهم التراب، وسرد من تحدثنا إليهم تفاصيل مقززة عن هذا الموضوع، وكيف أن النسور تواكب قوافل النازحين، كي تنقض على الموتى، وتجهز على الضعاف الذين لم يسلموا الروح، ممن يتخلى عنهم رفاق أسقط في يدهم. كما تبحث آكلات الجيف، عن جثث الذين يسقطون قتلى في المواجهات، التي تدور بين القوات الحكومية وقوات الاتحاد الإفريقي من جهة، وعناصر الجماعات المسلحة، وآخرها دارت قبل أيام، في معاقل حركة "الشباب" داخل مقديشو، وكثيرا ما يقع قتلى، ويبقون بالعراء، ويصبحون فريسة لآكلات الجيف. "سيد كا" .. شكوى من الجوع ومن "الحڤرة" أوجه المعاناة ذاتها وجدناها بالمخيم الذي أطلق عليه اسم البطل القومي"سيد كا"، لمجاورته ما تبقى من ضريح هذا الرجل، الذي تداعى مرقده تحت زخات الرصاص والقذائف خلال المعارك التي دارت بالمنطقة. في مخيم "سيد كا" يعيش نحو 20 ألف لاجئ، غالبيتهم قدمت من منطقة "بورهاكابا" (150 كلم جنوب مقديشو)، ومعظمهم كانوا يعيشون من تربية الماشية، التي أهلكها الجفاف، فخرجوا يطلبون القوت في مقديشو. وإلى جانب ثالوث الجوع، العطش والمرض، يشكو اللاجئون هنا فضاضة القوات الحكومية، التي يقولون إنها تعاملهم بخشونة مفرطة، لاسيما عند التزاحم الذي يحصل عند توزيع الغذاء. وكشفت لنا سيدة في عقدها الخامس، عن كدمة في رجلها، وقالت إنها نتيجة تعرضها للضرب من أحد الجنود، عندما كانت تحاول الحصول على شيء من الأرز المطبوخ، واشتكى العديد من سكان المخيم من التجاوزات، التي قالوا إن الجنود يرتكبونها في حقهم. دعوني أموت مع صغاري! من بين الشهادات التي استقتها "الشروق" بـ "سيد كا"، ما روته لنا حبيبة من تفاصيل عن وفاة ابنيها أثناء المسير إلى مقديشو، وكيف قضى صغيراها (ثلاث وخمس سنوات) جوعا وعطشا، وما تنفطر له كبدها هو أنهما "دفنا في الطريق"، وأن قبريهما مهملان ولن تستطيع الاستدلال على مكانهما، وقالت "أردت البقاء قرب قبريهما حتى ألحق بهما، لكن الناس منعوني وحملوني رغما عن إرادتي إلى هنا". أما فاطمة عبدو (40 سنة)، فقد فقدت ابنها ذا السنتين، أثناء الرحلة، وقالت هذه الأم المفجوعة: "مات من الجوع والمرض وتورم جسمه، كنت أنظر إليه من دون أن أقدر على فعل شيء".
الخيم امتياز للأوفر حظا خلال تجولنا بمخيمي "بدبادو" و"سيد كا"، تقرب منا كثير من اللاجئين يشتكون عدم حصولهم على خيم تأويهم، ولاحظنا أن كثيرين كانوا مستلقين على الأرض عرضة لأشعة الشمس، فيما احتمى آخرون بالأشجار، ودق آخرون قضبانا وأغصانا في الأرض، ألقوا عليها خرقا ليحتموا بظلها. ويكشف الموظف الحكومي إسماعيل، عن وجود ثلاثة آلاف نازح من دون مأوى بـ"سيد كا"، وأن المخيم بات عاجزا عن استيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين القادمين من خارج مقديشو، الأمر الذي يطرح إشكالية عدم وصول المساعدات إلى اللاجئين بالمناطق الداخلية، بسبب الوضع الأمني المتردي، والهجمات التي قد تتعرض لها قوافل الإغاثة من قبل جماعات مسلحة خارج العاصمة. هي قصص كثيرة سمعناها بمخيمي "بدبادو" و"سيد كا"، ومآس وقفت عليها "الشروق" قبل أن تغادر تاركة منكوبي المجاعة يواجهون مصيرهم المحتوم، وكل روح تفيض إلى بارئها، هي بمثابة إدانة للمجتمع الدولي، وصفحة جديدة في الكتاب الأسود للإنسانية.