أبدى حزب حركة النهضة التونسي الذي يتجه للفوز بنحو ثلث مقاعد المجلس الوطني التأسيسي استعداده للتحالف مع حزبين يساريين وسطيين, ووجه في الأثناء رسائل مطمئنة للتونسيين والخارج.
وأظهرت نتائج جزئية كشفت عنها مساء الاثنين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن حزب النهضة حصل على تسعة من أصل 18 مقعدا مخصصة للتونسيين في الخارج.
وحصل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (أربعة مقاعد), وحزب التكتل من أجل العمل والحريات (ثلاثة مقاعد) بينما حصل القطب الديمقراطي الحداثي والعريضة الشعبية على مقعد لكل منهما.
وتشير بيانات من مكاتب الاقتراع وتقديرات متطابقة إلى أن حزب النهضة يتصدر بنسبة قد تصل إلى 40%، بينما يأتي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية برئاسة منصف المرزوقي في المرتبة الثانية بنسبة تقارب 16%, والتكتل من أجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر ثالثا بنسبة 12% تقريبا, ثم العريضة الشعبية برئاسة الهاشمي الحامدي (مدير فضائية المستقلة في لندن) بنحو 10%.
وقال عضو المكتب السياسي للنهضة سمير ديلو إن حزبه قد يحصل على نسبة 40% من الأصوات, و60 مقعدا على الأقل من مجموع 217 مقعدا في المجلس التأسيسي الذي سيتولى صياغة دستور جديد, وتشكيل حكومة انتقالية، وذلك في مدة سنة.
بيد أن رئيس الحملة الانتخابية للنهضة عبد الحميد الجلاصي قال مساء أمس إن الحزب حصل على ما بين 20% و30% من الأصوات في تونس, و50% من الأصوات في الخارج.
تحالف ورسائل مطمئنة
وقبل ساعات من نشر النتائج الأولية الرسمية للانتخابات التي فاقت نسبة المشاركة فيها كل التوقعات, قال عضو المكتب التنفيذي للحركة علي العريض إن حزب النهضة مستعد لتشكيل تحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات.
البحيري أكد التزام النهضة بجميع المكتسبات السابقة (الجزيرة نت)
وقال العريض إن الحزبين ليسا بعيدين عن الحركة فضلا عن حصول الحزبين على نصيب كبير من الأصوات.
وكان مطروحا قبل وأثناء الحملة الانتخابية تحالف النهضة والمؤتمر، بينما لم يكن موقف التكتل -الذي يدعو إلى تشكيل حكومة مصلحة وطنية- محددا تماما من تحالف محتمل مع النهضة.
وبينما تشير تقديرات أولية إلى أن التكتل سيحصل على 12% من الأصوات, رجح عضو المكتب التنيفذي للحزب خليل الزاوية الحصول على 15% من الأصوات, وثلاثين مقعدا على الأقل في المجلس التأسيسي, وهو ما يعني أنه والمؤتمر سيُمثلان في المجلس التأسيس بنحو 60 نائبا.
وقبل الدعوة لتشكيل تحالف في المجلس, أعلن عضو المكتب التنفيذي للنهضة نور الدين البحيري التزام الحركة بحقوق المرأة وفق ما تنص عليه مجلة (قانون) الأحوال الشخصية, والمساواة بين التونسيين مهما كان دينهم أو جنسهم, أو انتماؤهم الاجتماعي.
من جهته, قال مدير الحملة الانتخابية للنهضة إن حزبه يريد أن يطمئن شركاء تونس الاقتصاديين والتجاريين, مشددا على حرص حزبه على استعادة الاستقرار بسرعة, وإيجاد ظروف ملائمة لعودة الاستثمار الأجنبي. وأضاف أن الأولويات في هذه المرحلة تكمن في الاستقرار والعيش بكرامة, وبناء المؤسسات الديمقراطية.
اعتراف بالهزيمة
في هذه الأثناء, أقرت أحزاب رئيسة مصنفة علمانية وعلى رأسها الحزب الديمقرطي التقدمي, والقطب الديمقراطي الحداثي بهزيمتها في الانتخابات, وقالت إنها ستتموقع في المعارضة.
الشابي ومي الجريبي اعترفا بهزيمة الحزب الديمقراطي التقدمي (الجزيرة)
وقال مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد نجيب الشابي للجزيرة إن حزبه سيقوم بدور المعارضة الدستورية، متمينا التوفيق للأحزاب الفائزة. وأضاف أن حزبه –الذي كانت خسارته مفاجئة حيث كان مرشحا لاحتلال المرتبة الثانية- سيكون طرفا ضاغطا في المجلس التأسيسي من أجل دستور يلبي تطلعات الشعب التونسي.
كما أن الأمينة العامة للحزب مي الجريبي أقرت بدورها بالهزيمة, وقالت إن الحزب الديمقراطي التقدمي في موقع سيئ. وأضافت "هذا قرار الشعب التونسي، وأنا أحترم هذا الخيار. أهنئ أولئك الذين حصلوا على أصوات الشعب". وأكدت بدورها أن حزبها -الذي ركز في حملته على معارضة النهضة- سيكون في صفوف المعارضة.
من جهته, قال رياض بن فضل المنسق العام لتحالف "القطب الديمقراطي الحداثي"، وهو تحالف للأحزاب اليسارية، إن النهضة نجحت بينما فشلت أحزاب ذلك التحالف الذي ينبغي توحيده إعادة هيكلته، حسب تعبيره.
وفي اعتراف مماثل, أشار عادل الشاوش عضو المكتب التنفيذي لحركة التجديد –وهي أحد أحزاب القطب الحداثي- إلى تقدم النهضة في معظم الدوائر الانتخابية.
قراءة في النتائج
وفي قراءة للنتائج الجزئية، عزا مدير معهد الحداثة بباريس بشير قدسي عبد السلام فوز حزب حركة النهضة بنصف المقاعد المخصصة للتونسيين بالخارج إلى ما لها من ثقل كبير خاصة في أوروبا.
وقال عبد السلام للجزيرة نت إن الحركة نشطت بين صفوف المهاجرين، وركزت على المسألتين الأخلاقية والدينية, مشيرا إلى أن نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي علق العمل السياسي والثقافي، "ولم يكن بإمكان التونسيين ممارسة أنشطتهم السياسية إلا في الخارج".
وفي تفسيره للإقبال الكبير لتونسيي الداخل والخارج في انتخابات المجلس التأسيسي، وصف هذه المشاركة الكثيفة "بالثورة الثانية التي أراد من خلالها الشعب التونسي تحقيق ذاته".
وقال إن "الشعب التونسي ومن أجل مواكبة الثورة التي أشعل شرارتها محمد البوعزيزي لم يجد أمامه إلا الأحزاب الكبرى التي قاومت نظام بن علي، فصوت لصالحها".